[center]التعاون بين الأسرة والمدرسة في بناء المجتمع وتقدمه »
العناصر:
1.الزواج المثالي وارتباطه بالتربية
2.مفهوم الأسرة المسلة
3.مسؤوليات الأسرة في الإسلام
4.التعاون بين البيت والمسجد والمدرسة
5.دور المدرسة في بناء المجتمع
الحمد الله الذي أرشد الإنسانسة إلى ما فيه خيرها وصلاحها، وهدها إلى ما يحقق سعادتها ويضمن لها البقاء في صحة وعافية لتعمر هذه الأرض وتستمر في أداء مهمتها التي هيأها الله لها من الاستخلاف في الأرض، والانتفاع بما في الكون من خيرات ونعيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الأمين الذي أرسله الله بالبشارة الكبرى وأيده بالمعجزة العظمى: القرآن الكريم بما فيه من آيات بينات تتضمن التشريع الصالح لكل زمان ومكان وبما يحتوي عليه من قواعد عامة وشاملة تنظم حياة الناس في جميع المجالات وتبني المجتمع على أسس ثابتة ومتينة وتعطي كل فرد من أفراد الأسرة ما يستحقه من الاهتمام والرعاية- فقد هدانا الله سبحانه بواسطة هذا القرآن وجعل أفضل رابطة تربط بين الرجل والمرأة هي رابطة الزواج الذي تسوده المودة والاحترام لقوله تعالى: « ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة » الروم الآية 21. كما أوصى الإنسان رجالا كانوا أو نساء بالإحسان إلى الوالدين والبرور بهما من أجل استمرار الرابطة الأسرية وتقوية أواصرها فقال عز وجل:«وقضى ربك ألا تعبد إياه وبالوالدين إحسانا» الإسراء ورفع عن المرأة ما كان يقع لها من إذيات وسوء معاملة فقال عز وجل: « وعاشروهن بالمعروف، فإن كرتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا...» إلى غير ذلك من التعاليم التي تجعل الإنسان يعيش حياة هادئة سعيدة يتحمل فيها كل فرد من أفراد الأسرة ما تهيئه له طبيعته وينال ما يحتاج من حقوق في ظل التفاهم والتسامح والحلم والإيثار... ومن فضل هذا الإسلام على البشرية أن جاءها بمنهاج شامل قويم في تربية النفوس، وتنشئة الأجيال وتكوين الأمم وبناء الحضارات وإرساء قواعد المجد والمدنية... وماذا إلا لتحويل الإنسانية التائهة من ظلمات والشرك والجهالة والضلال والفوضى إلى نور التوحيد والعلم والهدى والاستقرار فقال عز وجل: « قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط المستقيم » المائدة.
إخواني
اليوم وفي هذا الأسبوع الثقافي الأصيل المسطر تحت عنوان « التعاون بين الأسرة والمدرسة في بناء المجتمع وتقدمه» موضوع اجتماعي أساسييهمنا اليوم وغدا وبالخصوصفي هذه المراحل الحرجة التي نحياها وتحياها أمتنا العربية الإسلامية، لذلك فإن الموضوع يحتاج إلى دراسة عميقة من خلالها نعمل بالشكل الصحيح على تطبيق مبادئها وتقريريها من أجل النهوض فعلا بالمجتمع العربي الإسلامي.
إذن: وتحت هذا العنوان والذي سنعيش لحظات أتوخى من سبحانه أن تكون ممتعة وشيقة في تحليلنا ومناقشتنا له. وقبل والولوج في الموضوع لابد من وضع منهجية وأرضية نسير عليها في تحليلنا لهذا العرض إذن: فما هو مفهوم الأسرة؟ وفيما يتجلى دورها في بناء المجتمع؟ وهل هناك تعاون بين الأسرة والمدرسة في بناء المجتمع؟ وما السبيل إلى إصلاح والبناء؟.
وما البداية الصحيحة في تكوين المجتمع الصالح؟ وما المهمة الملقاة على كاهل الآباء والمربين ورجالات التربية والتعليم في هذا العصر؟ كل هذه التساؤلات تدور حول منطلق واحد هو: « التعاون بين الأسرة والمدرسة في بناء المجتمع وتقدمه ».
I . الزواج المثالي وارتباطه بالتربية:
قبل الشروع في الحديث عن التعاون بين الأسرة والمدرسة في بناء المجتمع وتقدمه يحسن أن نتعرض باختصار لمسألة الزواج.
فالزواج هو صيلة شرعية بين الرجل والمرأة بنية الدوام والبقاء على المودة والمساكنة وغايتها: الإحصان والعفاف وذلك لاستمرار النوع البشري بكيفية سليمة في ظل أسرة متماسكة ومستقرة ولهذه الاعتبارات حث الشرع الإسلامي الحنيف على الزواج واعتبره من مكملات الدين وسنة من سنن الأنبياء والمرسلين ومن رغب عنها فليس من ملة رسول الله (ص) لقوله(ص): "ومن رغب عن سنتي فليس مني".
ولكي يقوم الزواج على أسس شرعية سليمة وتدوم العشرة والألفة بين الزوجين لابد أن تسبقه بعض الترتيبات الاجتماعية والإجراءات الإدارية ومن هذه الترتيبات: الخطبة الشرعية التي تأتي قبل الزواج وهي تصرف أساسي ليتعرف الرجل والمرأة على ما يدعوهما إلى الاقتران ببعضهما. كما يعتبر مرحلة أساسية للتعارف والتشاور حتى لا يفاجئ كل من الزوج والزوجة ليلة الزفاف بأمور قد تحدث أثارا سلبية على حياة الأسرة ومعلوم أن الخطبة لا تعتبر زواجا ولكنها وعد بالزواج. وللزواج نواحي ثلاثة: الزواج فطرة إنسانية – الزواج مصلحة اجتماعية – الزواج انتقاء واختيار والأن التعرض لمثل هذه النواحي يبين وجه ارتباط التربية بتحمل المسؤولية وإنجاب الدرية والاعتراف بالنسب وسلامة الأجسام والأخلاق.
وبالزواج يتعاون الزوجات على بنا الأسرة وتحمل المسؤولية...فكل منهما يكمل عمل الآخر. فالمرأة تعمل ضمن اختصاصها وما يتفق مع طبيعتها وأنوثتها وذلك في الإشراف على إدارة البيت والقيام بتربية الأبناء والأولاد والرجل كذلك يعمل ضمن اختصاصه وما يتفق مع طبيعته ورجولته وذلك في السعي وراء العيال والقيام بتربية الأبناء وتفقد أحوالهم وحماية الأسرة من عوادي الزمن ومصائب الأيام وفي هذا يتم روح التعاون ما بين الزوجين ويصلان إلى أفضل النتائج وأطيب التمرات في إعداد أولاد صالحين وتربية جيل مؤمن يحمل في قلبه عزمة الإيمان وفي نفسه روح الإسلام بل ينعم البيت بأجمعه ويرتع ويهنأ في ظلال المحبة والسلام الاستقرار.
II. مفهوم الأسرة المسلمة:
الأسرة في الإسلام هي تلك هي تلك الأسرة التي تتكون من الزوج والزوجة والأولاد والأحفاد والأجداد والأقرب، فهي أسرة ممتدة تضمن بامتدادها لكل فرد منها الطمأنينة والأمان، والطفل في هذه الأسرة الممتدة بشرط أن تكون متعلقة وواعية ينمو متشبعا بالحنان والعطف و مؤزرا بعصبة تمنحه القوة وتهبه الشجاعة، فينشأ سليم البدن والوجدان، وشتان بينه وبين الطفل الذي يربى في دور الحضانة، فينمو سليم البدن، لكنه مهتز الروح مضطرب النفس وشتان ما بين شيخ يعيش هاجس الشيخوخة، لأن هذا الهاجس يعني النبذ والوحدة والعزلة وهجرة الأبناء والأحفاد فالأسرة المسلمة بنية تربوية للتضامن والتآخي والرحيم وهي بذلك تكون أن أصلح لبنة أساسية لبناء مجتمع إسلامي متكامل متضامن فيما بينه، تسوده المودة والاحترام. والأسرة في المنهج الرباني ضرورية للحياة النظيفة إذ هي تعد المحضن الطبيعي لتكوين الأجيال، والمدرسة الأولى لتنشئة الشعوب بل هي الخلية الأساسية المسؤولة عن مولد الأمة الرشيدة وبإخراجها للوجود والطريق الطبيعي لذلك هو الزواج، ولذلك امتن الله على الإنسان بقوله: « ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا...» الروم 21 وكما رغب الرسول (ص) في زواج رغب أيضا في اختيار الزوجة الصالحة لأنها المربية الصالحة للمجتمع وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص (ض) أن النبي (ص) قال:«الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» وعن أبن عباس (ض) عن النبي (ص) أنه قال: « خيركم خيركم لأصله وأنا خيركم لأصلي » أخرجه ابن ماجه ، لقد أعطى الرسول (ص) في هذا الحديث المثل الأعلى في المودة وحسن المعاشرة والعفة. فكان عليه أفضل الصلاة والسلام الزوج المثالي، العادل بين أزواجه والأب الرحيم، شفق على الصغير، ويوقر الكبير ويصل الرحيم... وقد سئلت عائشة (ض) عن خلقه (ص) " فقالت كان خلقه القرآن" أخره مسلم.وقد بلغ من خلقه أنه أثنى الحق عليه في كتابه بقوله: « وإنك لعلى خلق عظيم » سورة القلم الآية4. كما بين عليه أفضل الصلاة والسلام سلوك الزوجة المجس للخيرية كخلق نبيل في قوله (ص) «ما استفد المؤمن بعد تقوى الله خير له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وأن نظر إليها السرته وأن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله » رواه ابن ماجة.
III. مسؤوليات الأسرة:
للأسرة المسلمة مسؤوليات تتحملها إزاء أفرادها، كما تلعب دورا مهما تجاه الأبناء فهي التي تنجب الأطفال وتمنحهم الاسم والنسب وهي التي ترعاهم منذ ولادتهم إلى سن الرشد، فتوفر لهم الغذاء والمسكن وتسهر على رعاية صحتهم وتلقنهم اللغة والدين والأخلاق والسلوك الحسن وتلحقهم بالمدارس حين بلوغهم السن القانوني وهذه المسؤوليات هي: